Translate

中文(简体) Português English (US) Français Deutsch Italiano 日本語 한국어 Русский Español

الخميس، 15 نوفمبر 2012

أين وزارة التربية والتعليم؟

بسم الله الرحمن الرحيم


بالأمس ذهبت في زيارة ميدانية للمدارس الواقعة في منطقة مزدة , ورغم المحاولات التي يبذلها بعض الشرفاء والحريصين على هذا الوطن إلا أنّ الدراسة لا تسير بصورة جيدة والدولة غائبة نهائيا والمدارس المحطمة مازالت كما هي , و تعاني عجزا في المعلمين.
والأسبوع الماضي زرت منطقة الشقيقة وهي أفضل حال من منطقة مزدة إلا أنّ بها مدرسة يوجد بها 13 عائلة من النازحين تشغل عدة فصول والمعامل وقد حشر الطلبة في باقي الفصول بأعداد كبيرة جدا.
إلى متى يستمر غياب وزارة التربية والتعليم والدولة ؟ عن القيام بواجباتها 

الصور المرفقة لإحدى المدارس بمزدة وأثار القذائف فيها




الجمعة، 21 سبتمبر 2012

قم للمعلم...


المعلم... ما له وما عليه...
لايستطيع أحد أن ينكر دور المعلم في العملية التعليمية, فهو حجر الزاوية في أيّ نظام تعليمي فلا يقوم ويبنى الا به , قد نفقد بعض عناصر التعليم الأخرى ويستمر النظام التعليمي ولكن فقدان المعلم يوقف النظام بأكمله.
والعمل على اصلاح التعليم بالبلاد يبدأ باصلاح حال المعلم والنظر اليه نظرة تليق به وبما يقدمه للبلد , فنظرة الازدراء التي ينظر بها الجميع حكومة ومجتمع الى المعلم كانت سببا رئيسيا الى دفع المعلم الى التلاعب والغش وعدم الاكثرات , لكي ينتقم لحقه المهضوم من الجميع.
لقد استغل النظام السابق المعلم استغلالا بشعا في كل ما يقوم به بينما قلص راتبه الى أدنى حد فوصلت رواتب المباشرين والفراشين في خارج نطاق التعليم الى اضعاف راتب المعلم مهما كانت درجته العلمية. 
والآن هل تغير الوضع؟ أبدا... وكمثال لذلك انتخابات المجلس الوطني قامت على أكتاف المعلمين ... قارنوا بين المنح المصروفة للمعلم الذي عمل ميدانيا لتجهيز المدارس واستقبال الناخبين وبين أصحاب البدلات الحريرية القابعون في مكاتبهم المكيّفة من محامون وو كلاء نيابة ( الضرب للمحاميد وا
لثنى لغومة)
يطالب الجميع المعلم بالقيام بواجبه على أكمل وجه ولم يطالب بحقوقه أحد.

للمعلم حقوق كما لغيره ونرى يوميا متظاهرون يطالبون بحقوقهم رغم أن وضعهم اذا ما قورن بالمعلم فوق الريح, اعطوا المعلم حقه ليعيش حياة كريمة كغيره ثم طالبوه بواجباته.

وللحديث بقية....
 

السبت، 15 سبتمبر 2012

رسالة للمؤتمر الوطني

 

 بسم الله الرحمن الرحيم


رسالة الى المؤتمر الوطني


الى السادة أعضاء المؤتمر الوطني... تحية طيبة
وفقكم الله لخدمة هذا الوطن الذي انتخبكم الناس من أجله ....
لقد وضعنا ثقتنا فيكم فلا تخذلونا ... سارعوا الى تحديد الأولوليات التي يحتاجها البلد في هذه المرحلة .... وعجّلوا بحلها فالوطن بخطر وكل يوم يمر دون ايجاد الحلول يصعّب الأمر علينا وعليكم...
لاتفكروا بالقبيلة والمنطقة بل ضعوا نصب أعينكم ليبيا فقط لاغير ... وتذكروا دخول القبيلة من الباب يعني خروج الوطن من النافذة أيّن كانت الأسباب.... ومن فكّر منكم بعقلية القبيلة أو المنطقة فليس أهلا أن يكون بينكم ووجب عليكم اسقاطه فقد خدعنا وسيخدع بلده عاجلا أم آجلا.... الأعداء كثر في الداخل والخارج ويتربصون بنا الدوائر..فلا تعطوهم الفرصة, واضربوا بيد من حديد على كل من سولت له نفسه المساس بأمن الوطن والمواطن وحريته .... وتذكروا جيدا أن التاريخ لن يرحمكم فأنتم قد اختاركم الشعب بعد 40 سنة عجاف أهلكت الحرث والنسل, فان فشلتم فستكون وصمة عار عليكم الى يوم تبعثون يوم لاينفع مال ولا بنون الا من أتى الله بقلب سليم, وان نجحتم فأكليل غار على رؤوسكم يفتخر به أبناءكم جيل بعد جيل , وسيخلدكم التاريخ بانقاذكم بلد كان على شفا حفرة من النار.....نحن نعلم أن الأمر عسير والصعوبات كثيرة والفوضى عارمة والمتربصون متغلغلون في كل مكان, ولكن ثقتنا بكم كبيرة ولولاها لما اخترناكم... فأنتم لها.... أعانكم الله وسدد خطاكم وأنار دربكم وألهمكم الصواب .... والله أكبر ولله الحمد
..... وعاشت ليبيا حرة أبية رغم أنف الحاقدين.....
والسلام عليكم
مواطن ليبي عاشق للوطن

الجمعة، 14 سبتمبر 2012

نصرة الرسول

صورة: بسم الله الرحمن الرحيم
الحرب على الاسلام بدأت منذ أول يوم انطلقت فيه الدعوة بمكة المكرمة و استمرت الى يومنا هذا وستظل مستعرة الى أن يرث الله الأرض ومن عليها, ماذا ننتظر من الكفار والمشركين؟ أن ينشروا الدعوة بدلا منّا , أن يكرموا الرسول صل الله عليه وسلم! ألم يواجه كفار قريش الرسول عليه الصلاة والسلام بحرب شعواء فوصفوه بالجنون والسحر وبأنه شاعر يأتيهم بأساطير الأولين , ومنهم أعمامه وذوي قرابته ووصل بهم الأمر الى استخدام السيف لوقف الدعوة , هل أثّر ذلك في انتشار الدعوة؟ أبدا... لقد زادها انتشارا بفعل ردة الرسول الكريم وأصحابه حيث تمسكوا بدينهم الجديد والتزموا بتعليماته .
الدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم ليس بالصراخ في الميادين والقتل والتحطيم , بل باتباع هديه وسيرته والابتعاد عن نواهيه واظهار صورة المسلم الحقيقي للجميع, أليس منّا من يسيء الى الرسول أكثر من هؤلاء الكفرة؟ بتصرفاته الرعناء فتجد الكثير من تاركي الصلاة ومفطري رمضان والسكارى والحشاشين يصرخون في الشوارع انتصارا للرسول وهو منهم براء فقد كفاه الله المستهزئين.
ردة الأفعال هذه التي يقوم بها البعض منّا , يستغلونها لاثبات ما يقولون ونشره في العالم أجمع... ألم نستفد من تجربة سلمان رشدي وهو كاتب هندي مغمور لم يسمع به أحد , جعلنا اسمه على كل لسان وتهافت الجميع على قراءة كتابه, ألم نعطي لتلك الصحيفة النرويجية دعاية جعلت كبريات الصحف العالمية تتضامن معها وتنقل رسوماتها ليراها الجميع بدل قراءها الذين لايتجاوزون بضعة آلاف.
انصروا الرسول الكريم بالتمسك بتعاليم ديننا الحنيف واتباع أوامره واجتناب نواهيه.... حينها فقط تكونون قد نصرتموه.‏ 


بسم الله الرحمن الرحيم
الحرب على الاسلام بدأت منذ أول يوم انطلقت فيه الدعوة بمكة المكرمة و استمرت الى يومنا هذا وستظل مستعرة الى أن يرث الله الأرض ومن عليها, ماذا ننتظر من الكفار والمشركين؟ أن ينشروا الدعوة بدلا منّا , أن يكرموا الرسول صل الله
 عليه وسلم! ألم يواجه كفار قريش الرسول عليه الصلاة والسلام بحرب شعواء فوصفوه بالجنون والسحر وبأنه شاعر يأتيهم بأساطير الأولين , ومنهم أعمامه وذوي قرابته ووصل بهم الأمر الى استخدام السيف لوقف الدعوة , هل أثّر ذلك في انتشار الدعوة؟ أبدا... لقد زادها انتشارا ردة فعل الرسول الكريم وأصحابه حيث تمسكوا بدينهم الجديد والتزموا بتعليماته .
الدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم ليس بالصراخ في الميادين والقتل والتحطيم , بل باتباع هديه وسيرته والابتعاد عن نواهيه واظهار صورة المسلم الحقيقي للجميع, أليس منّا من يسيء الى الرسول أكثر من هؤلاء الكفرة؟ بتصرفاته الرعناء فتجد الكثير من تاركي الصلاة ومفطري رمضان والسكارى والحشاشين يصرخون في الشوارع انتصارا للرسول وهو منهم براء فقد كفاه الله المستهزئين.
ردة الأفعال هذه التي يقوم بها البعض منّا , يستغلونها لاثبات ما يقولون ونشره في العالم أجمع... ألم نستفد من تجربة سلمان رشدي وهو كاتب هندي مغمور لم يسمع به أحد , جعلنا اسمه على كل لسان وتهافت الجميع على قراءة كتابه, ألم نعطي لتلك الصحيفة النرويجية دعاية جعلت كبريات الصحف العالمية تتضامن معها وتنقل رسوماتها ليراها الجميع بدل قراءها الذين لايتجاوزون بضعة آلاف.
انصروا الرسول الكريم بالتمسك بتعاليم ديننا الحنيف واتباع أوامره واجتناب نواهيه.... حينها فقط تكونون قد نصرتموه.

الأربعاء، 5 سبتمبر 2012

نظامنا التعليمي الى أين؟

صورة: بسم الله الرحمن الرحيم  
 دخل نظامنا التعليمي النفق المظلم , في أواخر السبعينيات من القرن الماضي , وظل يتخبط فيه على غير هدى , محاولا الخروج ولكن دون جدوى , وذلك لعدم وجود خطة جيدة تقوم بدراسة جميع المشاكل وتضع لها الحلول المناسبة , ثم يتم تطبيقها بصورة جدية لا تهاون فيها , ولكن هذا لم يحدث وذلك لعدة أسباب منها:
 -   عدم وجود الخطة المتكاملة والتي تهتم بكل المشاكل.
  -  عدم وجود الجدية في تطبيق الخطط الموضوعة .
  -  عدم إستقرار المناهج والخطط الدراسية والتي كانت تتغير بشكل سنوي.
   - عدم الإهتمام بالعنصر الرئيسي في العملية التعليمية وهو المعلم , من جميع النواحي سواء العلمية والتربوية أو المادية.
 -   الإهتمام بالكم دون الكيف,فمدخلات ومخرجات التعليم في ليبيا تسجل رقما قياسيا بالنسبة لعدد السكان ولكن على الورق فقط.
  - دخول عناصر لا علاقة لها بالتعليم الى الكوادر الوظيفية بالتعليم ووصولها الى أداء دور المعلم داخل الفصول الدراسية. 
  -  تشعب وكثرة تخصصات مرحلة التعليم المتوسط , مع عدم وجود المعلم المعد والمناسب لهذه الشعب.

  طبعا وبكل بساطة سنحمل النظام السابق كل المآسي التي لحقت بالتعليم , وسنبريء أنفسنا معلمين , ومدراء مدارس , وتفتيش تربوي و مسؤولين .
والحقيقة التي يجب أن نعترف بها هي أننا جميعا ساهمنا في وصول التعليم في ليبيا الى الحالة المزرية التي وصل اليها, لقد فتح لنا النظام السابق باب الفساد فدخلنا زرافات ووحدانا , وفعلنا الأعاجيب فالتسيب والغياب حدث ولاحرج , تزوير المؤهلات , الغش في الامتحانات , الاجازات الطبية الكاذبة والتي تستمر لأكثر من عام , التستر عن البعض الذين لم يباشروا عملهم في التعليم ولم يرهم زملائهم في المدارس , تنسيب عدد كبير للتعليم بمؤهلات لايستفاد منها في هذا المجال ..... وووووو
والآن وبعد الثورة المجيدة , هل غيرنا من أفكارنا وثفافتنا؟! الاجابة ببساطة لا... والدليل ماحدث في تعاقدات هذه السنة فقد تسابق الموجودون في مكاتب التعليم بالمناطق الى التعاقد مع كل من هب ودب دون النظر الى المؤهل والتخصص و الحاجة اليه من عدمها فزادوا الطين بلة , وكذلك ما حدث في نتائج الامتحانات لهذا العام والذي يمكّن ادارة الامتحانات من تسجيل اسمها في موسوعة (غينيس) للأرقام القياسية وتعميم تجربتها على العالم للاستفادة منها..... ولا حول ولا قوة الا بالله.‏


الثلاثاء، 4 سبتمبر 2012

مرتبات أعضاء المؤتمر الوطني


صورة: بسم الله الرحمن الرحيم

كثر الحديث في اليومين الماضيين عن رواتب أعضاء المؤتمر الوطني, فالبعض يقارنها برواتب الموظف ويقول أنها تساوي عشرة أضعاف, والبعض الآخر يقارنها برواتب المتقاعدين أو معاشات الضمان أو ...أو...
ورغم أن الرواتب لم تقر بعد الا أنها أصبحت شغل البعض منّا الشاغل, فكم تريدون أن تكون رواتب أعضاء المؤتمر الوطني؟ هؤلاء أشخاص قد تفرغوا لتأسيس دولة ويجب علينا أن نسدّ جميع أحتياجاتهم لكي لا يكونوا في حاجة لأحد , ونطمئن على عدم استغلالهم من أيّ جهة ولذلك يجب أن تكون رواتبهم مجزية , واذا أردنا المحاسبة فلنحاسب أنفسنا أولا , فمنّا من يتقاضى راتبا من الدولة وهو نائم في بيته , ومنّا من يتقاضى أكثر من راتب ويعتبر نفسه(زقطي) و(فهلوي) وضحك على المجتمع والدولة , ومنّا من سرق ومازال يسرق مال الدولة بطرق مختلفة ... هؤلاء من يجب علينا الوصول أليهم ومحاسبتهم وليس أعضاء المؤتمر الوطني! .... أعضاء المؤتمر الوطني عددهم 200 عضو , لو تقاضى العضو 10000 دينار شهريا سيكون المجموع 2 مليون دينار وهو مبلغ زهيد ندفعه لبناء دولة وهناك من من يسرق أضعاف هذا المبلغ لأفساد هذا البلد ولا يجد من يحاسبه.
فلنعطي للمؤتمر الوطني حقه ثم نحاسبه على تقصيره أو تقاعسه أما وضع العصي بالدواليب قبل أن يبدأ فسيكون الضرر علينا جميعا ونندم حيث لا ينفع الندم....وفق الله الجميع وسدد خطاهم‏


بسم الله الرحمن الرحيم

كثر الحديث في اليومين الماضيين عن رواتب أعضاء المؤتمر الوطني, فالبعض يقارنها برواتب الموظف ويقول أنها تساوي عشرة أضعاف, والبعض الآخر يقارنها برواتب المتقاعدين أو معاشات الضمان أو ...أو...
ورغم أن الرواتب لم تقر بعد ا

لا أنها أصبحت شغل البعض منّا الشاغل, فكم تريدون أن تكون رواتب أعضاء المؤتمر الوطني؟ هؤلاء أشخاص قد تفرغوا لتأسيس دولة ويجب علينا أن نسدّ جميع أحتياجاتهم لكي لا يكونوا في حاجة لأحد , ونطمئن على عدم استغلالهم من أيّ جهة ولذلك يجب أن تكون رواتبهم مجزية , واذا أردنا المحاسبة فلنحاسب أنفسنا أولا , فمنّا من يتقاضى راتبا من الدولة وهو نائم في بيته , ومنّا من يتقاضى أكثر من راتب ويعتبر نفسه(زقطي) و(فهلوي) وضحك على المجتمع والدولة , ومنّا من سرق ومازال يسرق مال الدولة بطرق مختلفة ... هؤلاء من يجب علينا الوصول أليهم ومحاسبتهم وليس أعضاء المؤتمر الوطني! .... أعضاء المؤتمر الوطني عددهم 200 عضو , لو تقاضى العضو 10000 دينار شهريا سيكون المجموع 2 مليون دينار وهو مبلغ زهيد ندفعه لبناء دولة وهناك من من يسرق أضعاف هذا المبلغ لأفساد هذا البلد ولا يجد من يحاسبه.
فلنعطي للمؤتمر الوطني حقه ثم نحاسبه على تقصيره أو تقاعسه أما وضع العصي بالدواليب قبل أن يبدأ فسيكون الضرر علينا جميعا ونندم حيث لا ينفع الندم....وفق الله الجميع وسدد خطاهم

الأحد، 2 سبتمبر 2012

اتقان العمل من الفضائل

بسم الله الرحمن الرحيم

انّ الله يحب من أدّى عملا فأتقنه


الملاحظ في محطات الوقود أن الموظف العامل بالمحطة مهمته الرئيسية 
هي قبض المال وهو جالس على كرسيه , والمواطن صاحب السيارة هو من يقوم بالعمل..........
متى يحترم كل منّا مهنته ويقوم بها على أكمل وجه؟

الجمعة، 31 أغسطس 2012

المفسدون في الأرض

 بدون وجه حق, فانبات شجرة يستغرق عشرات السنين تزيلها أنت في 10 دقائق...
 فالله العلي القدير قد لعن من يعيثون في الأرض فسادا....
 انظر الى الصورة وشاهد كيف يحترم الأنسان الراقي الشجرة.‏

 صورة: الى الذين يقطعون الأشجار ويبيدون الغابات ليستولي على أمتار من الأرض بدون وجه حق, فانبات شجرة يستغرق عشرات السنين تزيلها أنت في 10 دقائق... فالله العلي القدير قد لعن من يعيثون في الأرض فسادا.... انظر الى الصورة وشاهد كيف يحترم الأنسان الراقي الشجرة.‏

الثلاثاء، 21 أغسطس 2012

ليبيا ولعنة النفط

  ‎
بسم الله الرحمن الرحيم
وجدت هذا المقال في جريدة الحياة , وهو موجه لليبيا والليبيين فأحببت أن أشرككم معي فيه وهو مهم للحكومة الليبية الجديدة ولنا نحن الليبيون ..أرجو أن يكون ذا فائدة للوطن الحبيب.

نصيحة أخرى لليبيا الجديدة: تحرروا من لعنة النفط

الكاتب: جمال خاشقجي
السبت ١٨ أغسطس ٢٠١٢


بعيد انتصار الليبيين في معركتهم ضد القذافي وعهده العقيم، نشرت مقالاً هنا عنوانه «ثلاث نصائح إلى ليبيا الجديدة»، دعوتهم فيه للتحرر من إدمان العمالة الرخيصة وإلى تهميش القبلية، وأن يحرصوا على أن تكون حكومتهم القادمة «صغيرة» بمسؤوليات محدودة ولكن فعالة.


تلقى أصدقائي هناك نصائحي بقبول حسن، فوجدت المقال وقد نشر في أكثر من موقع ليبي، ما يشجعني اليوم وقد نجحت ليبيا في أول انتخابات حرة، وشكلت حكومتها التنفيذية، أن أتجرأ مرة أخرى وأقدم لهم نصيحة رابعة «تحرروا من النفط ولعنته».


منذ الستينات، ومع فورة الوعي الوطني في الدول العربية النفطية ومتلازمة «النفط والتنمية والحكم»، تسيطر على فكر ونشاط الجيل المتعلم من شباب تلك الدول، الذين عادوا إلى بلدانهم من الغرب حاملين شهادات عليا تبوأوا بها مواقع متقدمة في شركاتهم النفطية بجوار «الخواجات» الذين كان لهم فضل استكشاف النفط وتأسيس صناعته، وكذلك استغلاله بشكل جائر. الحكام أيضاً انشغلوا بقضية النفط الشائكة، فدخلت الأطراف الثلاثة (الحكام والتكنوقراط الوطنيون وشركات النفط) في علاقة معقدة تتراوح بين التعاون والتنافر وعدم الثقة والكثير من الطمع. كان الهدف الأول استعادة السيادة على النفط، أو تحريره من الشركات الغربية العملاقة التي كانت أميركية وأوروبية، تأخذ الكثير وتعطي أصحاب النفط سنتات معدودات. مع حرب تشرين الأول (أكتوبر) 1973 تحررت أسعار النفط، وأكملت معظم الدول النفطية بشكل وبآخر «تأميم» شركاتها النفطية.


«العدو الظاهر» يومها كان الشركات الغربية، الخواجات بعيونهم الزرق ونسائهم ونواديهم الخاصة والامتيازات التي يتمتعون بها بيننا. اعتقد البعض بسذاجة أن طردهم والجلوس مكانهم في مكاتبهم ونواديهم الخاصة وفيلاتهم سيضمن حصول «الوطن» على العوائد الوطنية التي يحتاجها للتنمية، ولكن لم يحصل هذا. لم تكن هناك قواعد محكمة للتصرف بعائدات النفط. لم تكن هناك ديموقراطية وشفافية ابتداء. حققت بعض الدول النفطية قدراً هائلاً من التنمية، تغيّرت به تماماً، حتى اجتماعياً، تضاعفت مساحة المدن، وتطاولت في العمران، وأسست بنى تحتية هائلة وجامعات ومصانع، زرعت الصحراء، دخلت حروباً، قدمت مساعدات للأشقاء وللأشقياء، وكذلك أهدرت الكثير من الأموال في بذخ وملاهٍ ومشاريع كرتونية، أفيال بيضاء هائلة، ذلك أنها لم تتطور سياسياً، ولم تضع قواعد صارمة تشكل علاقتها مع النفط. ليبيا القذافي كانت الأسوأ، بحكم طبيعة النظام والحاكم. في المقابل وفي الفترة الزمنية نفسها التي صعد فيها ذلك الشاب الجاهل معمر القذافي إلى الحكم عام 1969، كانت النروج تضع قواعدها الصارمة للتعامل مع النفط الذي اكتشف حديثاً فيها. المفارقة أن الذي أسهم في وضع تلك القواعد، بل أصبحت قانوناً صوّت عليه برلمان البلاد فألزم به أي حكومة تأتي على رأس تلك البلاد البعيدة، كان شاباً عراقياً، من ذلك الجيل الذي ابتعث للتخصص في علوم النفط، فعاد إلى بلاده يحمل طموحات التكنوقراط الوطنيين الذين أشرت إليهم في بداية المقال.


لم يطل المقام بفاروق القاسم في بلاده على رغم أنه تبوأ مواقع متقدمة وبسرعة في شركة النفط العراقية. استقال عام 1968 واستقر في النروج بلد زوجته التي تعرّف إليها أثناء دراسته في بريطانيا. يقول إنه فعل ذلك لعلاج ابنه الذي كان يعاني من مرض خطير، ولكن عام 68 لم يكن بالعام الجيد للعراق، إذ حصل فيه الانقلاب الذي حمل حزب البعث للسلطة هناك. شهد العراق بعد ذلك هجرة آلاف العقول الذكية بعد ذلك.


قصة القاسم في النروج مثيرة وسجلت في أكثر من تقرير صحافي، أشهرها في «الفايننشال تايمز» بعنوان «العراقي الذي أنقذ النروج من النفط» وتستحق العودة إليها، لكن الجانب الذي يجب على الليبيين دراسته والاستفادة منه بعدما حصلوا على «فرصة ثانية» للنهضة، هو «الورقة البيضاء» التي صاغها القاسم عام 1971 (بعد أقل من عامين على الانقلاب الذي قام به القذافي) وقدمها للحكومة النروجية، التي تحولت بعد ذلك إلى القانون الذي اعتمده البرلمان والمشار إليه آنفاً. بخبرته وتجربته في العراق أدرك القاسم أن ثمة «لعنة» تأتي مع النفط، عبّر عنها يوماً وزير النفط السعودي الأشهر أحمد زكي يماني حينما قال لصحافي غربي «ليتنا اكتشفنا ماء بدل النفط». لعنة النفط تجعل البلد النفطي إما تحت رحمة الشركات الغربية الكبرى تستغله، أو أن يمسك أهل البلاد بزمام نفطهم فيؤدي بعائداته السخية والسهلة إلى إفساد الحياة السياسية والطبقة الحاكمة، ويقضي على الاقتصاد الإنتاجي من حوله، الذي حتى ولو كان متواضعاً فإنه اقتصاد حقيقي ذو جذور وممتد أفقياً يمكن تنميته، بينما النفط اقتصاده طبقي وعمودي ولا يشغل كل أبناء المجتمع. حتى الشركات الوطنية التي ما أن تحل محل الأجنبي، حتى تتعملق وتفسد وتُفسد إذا لم تكن هناك جهة «محكمة» تراقبها وتضبط أداءها.


وبالتالي وضع القاسم للنروجيين قواعد لقانون يحقق التوازن المطلوب بين رغبتهم في الاعتماد على القطاع الخاص الوطني في صناعة النفط مع حرص الحكومة التي كانت ميولها «اشتراكية» في أن تكون في موقع قيادة السياسة النفطية. كيف فعل ذلك؟ وما هي تفاصيل القانون؟ لنترك ذلك للمختصين، ولننظر في النتائج. لقد تحولت النروج إلى دولة نفطية، ولكن لا تعتمد على النفط، فعلى رغم أنها خامس أكبر مصدّر للنفط في العالم إلا أنه لا يشكل إلا أكثر بقليل من 20 في المئة من ناتجها القومي المزدهر من مصادر أخرى، بعضها تقليدي مثل الشحن البحري وصناعة السفن التي سبقت استكشاف النفط.


نسبة البطالة منخفضة تكاد لا تذكر هناك، ولا يزال النروجي يعمل في كل مناحي الحياة، على رغم أنه يتمتع بثاني أعلى دخل في العالم. الفكرة الأخرى الجميلة التي أهداها القاسم للنروج هي صندوق الأجيال، الذي بمقتضاه يتحول العائد من النفط والغاز منذ عام 1996 إلى صندوق سيادي بات الأضخم عالمياً. كلها أفكار رائعة كان حرياً بالدول العربية النفطية استدعاؤها والاستفادة منها ولكن لم تفعل!


حاول القاسم أن يخدم بلده، فجمع بضعة خبراء نفط عراقيين عام 2004 وصاغ معهم قانوناً مماثلاً كان يؤمل أن يعتمده ساسة عراق ما بعد صدام حسين، ولكن عدلوا وبدلوا فيه، فتخلى عنه ورفض أن يحمل اسمه، وعلى رغم ذلك لم يعتمد حتى الآن، فساسة العراق مشغولون بصراعاتهم السياسية والطائفية، والفساد أيضاً.


لا أعرف فاروق القاسم شخصياً، ولكنني متأكد أنه لو وجهت له دعوة من الحكومة الليبية الجديدة المنتخبة والممثلة لشعبها والملدوغة من سنوات القذافي العجاف، فإنه مستعد أن يقدم لهم عصارة تجربته. لقد منحكم الله فرصة ثانية للنهضة، فأحسنوا استغلالها.

الاثنين، 30 يوليو 2012

سوريا في القلب

بسم الله الرحمن الرحيم


شامُ جلّلكِ الأسى والحُسنُ بالحزنِ اكتسى

والظالمُ المأفونُ من كأس الغرور قد احتسَى


هو قد تكبّر واستطال على الورَى وتغطرَسا


هو لا يبالي بالصغار ولا الشيوخِ ولا النِسا


من كلّ معنى للمروءة والكرامة أفلَسا

أرأيتِ أخبثَ منه في هذا الزمانِ وأنجَسا ؟

هذا هو الجيش الظلوم يجولُ صبحاً أو مَسَا


هل أخطأ الجولانَ أم هو قد أضلّ المقْدِسا ؟


هدَمَ المساجد والمنازل واستباحَ الأنفُسا


والشعبُ أهلكَهُ الحصار فلا غذاءَ ولا كِسا


والموتُ في كل الشوارعِ والبيوتِ تكدّسا


والأنفسُ الكبرى تتوقُ لأن تنالَ الأنفَسا


لا بدّ من يومٍ يُرى الطاغوت إذ هو أركِسا


حتى وإن حشَدَ الجنود وبالحصون تترّسا


هذا هو الفرَجُ الكبيرُ أراهُ أقربَ مِن (عَسى )


ووراء هذا الليلِ صبحُ النصر حين تنفّسا


يا ربُّ يا جبّارُ يا من قد عَلا وتقدّسا


حاشا لمن يرجوكَ أن يلقى الهوانَ وييأسا

السبت، 21 يوليو 2012

الصبر مفتاح الفرج

بسم الله الرحمن الرحيم
 
الى كل الليبيين
قال تعالى"وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ "
( سورة الأنفال)
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ "
( سورة البقرة )
 

الأحد، 15 يوليو 2012

تشويه الصورة

بالفيديو .. ثوار ليبيا يواجهون الدرك في عمان

 ا المتتبع للأخبار التي تنشر على الأنترنت يوميا بشأن ليبيا والليبيين يجد في الكثير منها تشويه كبير لصورة الليبيين في كل مكان سواء داخل ليبيا أو خارجها, وأنا هنا لاأدافع عنهم فهناك بعض الليبيين لهم القدرة على تشويه صورة البشرية جمعاء وليس الليبيين فقط. ووجود عشرات الألاف منهم في بعض الدول مثل الأردن وتركيا للعلاج وجلّهم قد أنهى علاجه ولا يريد الرجوع فالسياحة على حساب الوطن حلوة وخاصة عندما تكون في مستوى سبع نجوم ,ووجود عشرات الألاف الآخرين الفارين من وجه العدالة في تونس ومصر ومايصدر منهم من أفعال مشينة قد أعطى للكثيرين العذر للكتابة عنهم بصورة سيئة.
وهذا الفيديو يظهر عشرات الأشخاص يتظاهرون أمام السفارة الليبية في عمان بالأردن وكأنها حادثة خطيرة لم يسبق لها مثيل لكي يعلق عليها بعض الحاقدين والحمقى بكلمات تمس الليبيين وبلادهم.
ألم يحن الوقت بعد لننهي مسلسل الجرحى لحرب انتهت منذ سنة؟!

الخميس، 12 يوليو 2012

الخروج عن النص

بسم الله الرحمن الرحيم

  
            باحث في جامعة هارفارد وزميل مشارك في معهد الخدمات الملكية المتحدة.

خرجت ليبيا عن النص الذي سارت عليه نتيجة الديمقراطية في دول الربيع العربي، حيث كان من المفترض أن تكون أحداث السيناريو في ليبيا بسيطة: يدعم الليبراليون السذج الثورة الليبية، ثم بعد ذلك يختطف الإسلاميون نتائجها، وبذلك تكون نهاية الفيلم.
  وخلال العام الماضي، حذرت مجلة ذي أميريكان سبيكتيتور The American Spectator  من أن الإسلام السياسي سيصبح قوة سياسية مهيمنة في (ليبيا)،  وأشار جون برادلي، كاتب في مجلة سبيكتيتور، أن مقاتلين سابقين في تنظيم القاعدة ومجموعات من القبائل المتشددة" استحوذوا على ليبيا " وفرضوا قوانين الشريعة الإسلامية على الدولة التي كانت في يوم ما "دولة علمانية".
وعلى النقيض من السيناريو السابق، يبدو أن محمود جبريل، رئيس الوزراء السابق في الحكومة الليبية الانتقالية وزعيم حزب تحالف القوى الوطنية، قد فاز بأول انتخابات ليبية حرة خلال 60عاما، مكتسحا معارضيه الإسلاميين.
 وسجلت هذه الانتخابات إقبالا كبيرا ومشاركة بلغت 62%، كما كانت الانتخابات في معظمها سلمية. ووفقا لوصف أحد المراقبين، كانت الانتخابات بمثابة "عرس لعائلة كبيرة، شهد احتفالات صاخبة ودموع الفرح"، حتى في المناطق التي كانت شهيرة بعدائها للثورة مثل مدينة سرت، مسقط رأس القذافي والتي كانت تسانده أثناء الثورة، كان الإقبال قويا بشكل يدعو للدهشة.
وفي وقت يتم اعتبار فيه ثورات الربيع العربي محض خيال، تجسدت روح الثورة واشتعلت جذوتها من جديد في ليبيا. وتعد الانتخابات التشريعية الليبية، وغيرها من الخطوات الهامة، من الانجازات البارزة لليبيا التي عانت من وطأة الحرب الأهلية منذ أقل من عام.
وبالفعل يعتبر الإسلام قوة اجتماعية أساسية، ولا يستطيع أي حزب سياسي أن يزعم أن "العلمانية" كانت قوة اجتماعية أساسية في ليبيا، ولا تعد الحكومة الائتلافية المزمع تشكيلها حكومة "ليبرالية" بالطريقة التي نفهمها. ويتوجب على محمود جبريل أن يكون مستعدا للعمل مع الإسلاميين، وقبول الشريعة كمصدر للقوانين. 
ولا يمكن إثبات نظرية أن الثورة دمرت دولة "كانت في يوما ما دولة علمانية"، حيث أن القذافي سمح بتعدد الزوجات، وحظر المشروبات الكحولية، وأدرج الشريعة في الدستور الليبي.
 وكما هو الحال في مصر، يعتمد  الحنين المفاجئ إلي الحكام الديكتاتوريين المتسامحين ظاهريا على أسطورة لا أساس لها من الصحة، حيث إن الإسلام كان قوة مهيمنة في مصر، كما هو الحال في ليبيا، ولكن الاختلاف هو أن الديمقراطيين الجدد في ليبيا من غير المحتمل أن يقوموا بذبح ناخبيهم الذين يقدر عددهم بالآلاف (من الإسلاميين). 
وأشار هنري سميث، خبير في الشئون الليبية، أن "معظم الأحزاب السياسية تحاول أن تكون شاملة من الناحية السياسية والاجتماعية، وأن تكون ودودة للقطاع الخاص".
وأوضح جورج جرانت، محرر مساعد في صحيفة ليبيا هيرالد  Libya Herald ، في إرشاداته بشأن المشهد السياسي الليبي قائلا: " تعتبر فكرة الانقسام بين العلمانيين والإسلاميين، التي تحبها للغاية الأطراف الخارجية،  فكرة خاطئة".
ويبدو أن واقعية جبريل كانت سببا في إحداث طفرة انتخابية. ففي طرابلس، حصد حزب تحالف القوى الوطنية 80% من الأصوات، وفي بنغازي حصد الحزب 60% منها، ولتوضيح ذلك بصراحة فان ليبيا "لم يستول" عليها الجهاديين.
ومع ذلك، تواجه ليبيا الجديدة العديد من المشكلات الخطيرة، كما يجب إعطاء جرائم انتهاك حقوق الإنسان، وتعذيب مؤيدي القذافي، نفس الفحص الدقيق كما كان مطبقا أثناء حكم النظام القديم.
كما أن الحكومة المنتخبة الجديدة لن تحصل على سلطتها بالكامل، حيث ينبغي عليها التعامل مع حرب القبائل في الجنوب، والشكاوي الإقليمية في الشرق، وانعدام الثقة في الثوار، الذين يعتقدون أن دورهم في الثورة لم يتم تقديره بشكل كاف. 
وما يجعل الأمر أكثر تعقيدا هو أن قواعد اللعبة مازالت في حالة تغير مستمر. ففي البداية، كان من المفترض أن يرشح البرلمان الجديد اللجنة التي ستقوم بكتابة الدستور. أما الآن، فيبدو أن ذلك سيتطلب انتخابات أخرى.
وبالإضافة إلي ذلك، تواجه ليبيا مشكلات اقتصادية اعتيادية، كما تبلغ نسبة البطالة حوالي 30%، كما توجد تحديات خطيرة أمام دولة ضعيفة حاليا، والتي ستصبح دولة غنية بأموال مبيعات النفط.  
وبالإضافة إلي ذلك، لا تضمن الانتخابات التشريعية ترسيخ الاستقرار السياسي في ليبيا، كما إن المراحل الانتقالية التي تمر بها البلاد محفوفة بالمخاطر. لكن عقد هذه الانتخابات الحرة والسلمية يعتبر أكبر خطوة يتم اتخاذها في الطريق الصحيح، ويعد ردا من الليبيين على المشككين في قدرة ليبيا على التحول الديمقراطي.

 شاشانك جوشي
نقلا عن التليجراف البريطانية

الجمعة، 6 يوليو 2012

ليبيا تنتخب

بسم الله الرحمن الرحيم


"وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ"
(  سورة الشورى  )

"وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ ۚ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ "
(  سورة البقرة)

" وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا ۚ"
( سورة البقرة) 



للمرة الأولى بعد 45 سنة عجاف تتاح لليبيين فرصة انتخابات حرة ونزيهة, لاختيار اعضاء  المؤتمر الوطني الليبي الذي سيقود البلاد في المرحلة المقبلة ويحل محل المجلس الانتقالي والحكومة الانتقالية,وسيشرف على وضع الدستور الذي ألغي منذ 1969 واستبدل بتخاريف رجل أوحت أليه شياطينه بأنه نصف اله يملك الحلول النهائية لكل أمر, فأصبح يطبق نهارا مايحلم به ليلا وأوصل البلد الى الحضيض
 رغم وجود امكانيات هائلة كان من الممكن استغلالها لبناء دولة عصرية تنافس 
دول العالم المتقدم.
والآن بعد ازالة الظلم والاضطهاد وسقوط المتألهين وعبدتهم , أصبح الطريق ممهدا أمام الليبيين ليختاروا رجالا صدقوا ماعاهدوا عليه,ونبذهم الفرقة والقبيلة وعليهم انتخاب الأصلح للبلاد والعباد , فالمجلس الوطني سيؤسس لبناء الدولة الجديدة سياسيا واقتصاديا ووضع التشريعات ونوع النظام السياسي في المستقبل.
فانتخبوا من له القدرة على العطاء ومن يمتلك الوطنية لخدمة ليبيا والليبيين أينما كانوا دون النظر الى المنطقة أو القبيلة أو العائلة.
اللهم وفق الليبيين وألهمهم طريق الحق والصراط المستقيم ليكونوا بنعمتك اخوانا.

الخميس، 5 يوليو 2012

وشهد شاهد من أهلها(4)

القذافي على منبر الجمعية العامة والتريكي يغطي وجهه. 


                                                                            
التريكي لـ«الحياة»: رمى القذافي ميثاق الامم المتحدة واستباح كل القواعد فغطّيت وجهي خجلاً ... حافظ الاسد لم يثق بوليد جنبلاط وكان شديد الانزعاج من «عناد» غالبية الموارنة
  

كان الدكتور علي عبدالسلام التريكي رئيساً للجمعية العامة للأمم المتحدة حين جاء معمر القذافي لمخاطبتها في ايلول (سبتمبر) 2009. كانت الفضيحة مدوية. انتهك الزعيم الليبي كل القواعد ورمى الميثاق ارضاً ولم يكن أمام التريكي غير ان يغطي وجهه خجلاً على مرأى من وسائل الاعلام. سألت التريكي عن تلك المحطة التي احتلت الشاشات يومها وسألته عن محطات اخرى وشخصيات، وهنا نص الحلقة الثانية:
> كيف كانت علاقة معمر القذافي بياسر عرفات؟
- في السنوات الاولى اعطى القذافي القضية الفلسطينية الاولوية على ما عداها وتكرر الكلام عن قومية العمل الفدائي. وبسبب هذا الموقف لم يكن القذافي يتردد في التغاضي عن بعض التفاصيل. وكانت كل الأنظار متجهة الى حركة «فتح». لاحقاً برزت تنظيمات فلسطينية اخرى مثل «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» بزعامة جورج حبش و «الجبهة الديموقراطية» بزعامة نايف حواتمة و «القيادة العامة» بزعامة احمد جبريل وتنظيمات اخرى. كان هناك شعور لدى اطراف عربية، وبينها ليبيا، ان هذه التنظيمات يمكن ان تشكل بديلاً من «فتح». وهكذا قامت ليبيا بتسليح هذه التنظيمات ودعمها في لبنان في موازاة تسليح ودعم تنظيمات لبنانية كانت تسمى القوى الوطنية اللبنانية.
كان اسلوب القذافي المفاجئ والمباشر والمتشدد مختلفاً عن اسلوب ياسر عرفات الذي كان يريد الحصول على دعم من الدول العربية من دون ان يتيح لها الامساك بالقرار الفلسطيني او التأثير في البرنامج الفلسطيني.
لا شك في ان عرفات كان بارعاً ومناوراً. كان حاضراً حين ألقى انور السادات خطابه الشهير وأعلن استعداده لزيارة القدس من اجل ابرام سلام واستعادة الارض المحتلة. بعدها جاء عرفات الى طرابلس وراح يتذمر ويقول ان السادات فاجأه وخدعه. لاحقاً كان لدى بعض القيادة الليبية شعور بأن عرفات يمارس لعبة مزدوجة وأنه كان ينسق مع السادات من طريق تفاهم توصل اليه مع المسؤول المصري سيد مرعي. طبعاً كان عرفات يقبل ويعانق ويحاول اعطاء علاقاته الشخصية طابع الحميمية والدفء لكنه كان يتمسك بحساباته ويستفيد الى اقصى حد من التناقضات العربية للتفلت من اي ضوابط يعتبرها مزعجة.
في القمة الثالثة لـ «جبهة الصمود والتصدي»، التي عقدت في الجزائر، حاول القادة ضبط عرفات. طلبوا منه ان يكتب رسالة موجهة الى الرئيس الاميركي جيمي كارتر يقول فيها صراحة ان السادات لا يمثل الفلسطينيين في اي نقاش او مفاوضات تتعلق بالقضية الفلسطينية. اظهر عرفات تردداً فطلب الرئيس هواري بومدين مني ان أصوغ نص الرسالة ففعلت.
غضب ياسر عرفات وعتب وقال ان هناك نصاً سيعدّه المسؤول الفلسطيني عبدالمحسن ابوميزر. وفي النهاية نجح عرفات في الالتفاف على طلب القادة.
> هل كان القذافي يكره عرفات؟
- لا اعرف اذا كانت الكراهية هي الكلمة المناسبة. الاكيد انه كانت للقذافي مآخذ على اسلوب عرفات. كان الزعيم الفلسطيني بارعاً كما قلنا يقبل ويحتضن ويحاول الافادة احياناً من الخلافات العربية إما للحصول على دعم وإما لحماية قراره. مثلاً كان يأتي الى طرابلس ويقول انه لم يحصل على شيء في جولته الخليجية. كان يلعب على التناقضات. في المقابل كانت مواقف حبش واضحة وقاطعة وأسلوبه الشخصي مختلفاً وهو ما مكنه من فرض احترامه على محاوريه. طبعاً نجح احمد جبريل زعيم «القيادة العامة» في إنشاء ما يمكن تسميته علاقة خاصة مع ليبيا وحصل على دعم واضح منها.
> ألم ينزعج القذافي من كون حبش مسيحياً؟
- لم يشكل ذلك عائقاً في التعامل مع حبش او حواتمة. طبعاً في المغرب العربي لا يشكل المسيحيون جزءاً من النسيج الاجتماعي. كنا في البداية نستغرب حين نرى مصرياً اسمه جورج او اسحق ويتكلم العربية بطلاقة. التركيبة عندنا مختلفة عنها في لبنان حيث التعددية جزء اساس من تركيبة البلد. حبش كان يحظى باحترام. سمعت مثل هذا الكلام من الرئيس حافظ الاسد الذي ربطتني به علاقة خاصة وكانت لي معه لقاءات عدة. في المقابل، كانت علاقة الاسد بعرفات شائكة وقد عشتم في لبنان بعض فصولها.
> كيف كانت علاقة حافظ الاسد مع القذافي؟
- كانت جيدة إجمالاً او فلنقل لا بأس بها. وشهدت تلك الفترة محاولات للوحدة بين البلدين. يمكنني القول ان الاسد كان اكثر جدية من معمر في موضوع الوحدة. سلوك معمر اتسم بالديماغوجية في كثير من الاحيان. الاسد كان جدياً وكانت لديه قدرة على استيعاب من يتحاور معه. كان يقول مثلاً ان البعد الجغرافي ليس عائقاً وأن المسافة بين جاكرتا وبعض الجزر الاندونيسية تبلغ آلاف الكيلومترات. تمسك الأسد خلال محادثات الوحدة ببقاء حزب «البعث» معتبراً ان الموافقة على حل «البعث» خلال الوحدة المصرية - السورية كانت خطأ يجب ألا يتكرر. القذافي في المقابل كان يطالب بإلغاء حزب «البعث» في اطار الوحدة. قال الاسد انه مستعد لاندماج كامل بين البلدين شرط بقاء حزب «البعث». الحقيقة ان الاسد كان بارعاً وأظهرت الايام انه كان يعرف ماذا يريد ويجري حسابات دقيقة. في لقاءات جبهة الصمود والتصدي كان الاسد يبدو مستعداً للذهاب الى الآخر من اجل اسقاط كامب ديفيد.
يجب ألا ننسى هنا اننا نتحدث عن حقبة مختلفة. حقبة كانت حافلة بالانقلابات والاحلام الوحدوية. المشهد الدولي كان مختلفاً ايضاً. اليوم لا نسمع في العالم العربي غير أخبار التشرذم والتوتر المذهبي والتفتت.
> كيف كانت علاقات القذافي مع الزعماء العرب إجمالاً؟
- كانت له علاقات جيدة وممتازة مع الرئيس هواري بومدين. وكانت له علاقات متينة مع الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.
> ماذا كنت تبحث مع حافظ الاسد؟
- كان الوضع العربي يستأثر بالجانب الاكبر من الاهتمام. بحثنا في مرحلة قيام صيغة تجمع مصر وسورية وليبيا اي «اتحاد الجمهوريات». وبحثنا في برنامج جبهة الصمود. كان الاسد يتطرق ايضاً الى الوضع اللبناني. كان ينظر الى سورية ولبنان كامتداد واحد ويعتبر لبنان امتداداً للأمن القومي السوري. ويتحدث ايضاً عن مسؤولية سورية تاريخية لمساعدة لبنان في الحفاظ على وحدته واستقراره. لا شك في انه كان يبالغ في المحبة ويبالغ في العداء حين يتعلق الامر بالاطراف اللبنانيين.
كان يبالغ مثلاً في لوم الموارنة او لنقل لقسم كبير منهم على عنادهم ويعتبر انهم يتطلعون الى الغرب باستمرار لعرقلة سياسته وأن بينهم من لا يتردد في الرهان على اسرائيل بذريعة مقاومة الهيمنة السورية. في الوقت نفسه كان يشيد بالرئيس الماروني سليمان فرنجية. كان لديه شعور ان اكثرية الموارنة لعبوا دوراً في عرقلة رغبة سورية في الامساك الكامل بالورقة اللبنانية. عملياً كان يريد من المسؤولين اللبنانيين انتهاج سياسة متطابقة مع السياسة السورية. كان ايضاً يشكو من وليد جنبلاط ويعتبره متقلباً ومزاجياً وغير مضمون. نحن كنا نشجعه على اقامة علاقات وثيقة مع جنبلاط لكن كان يبدو من كلامه انه لا يثق به في حين يثق بالذين ينتهجون سياسة مطابقة لسياسة دمشق. كانت للاسد مثلاً علاقة ممتازة مع الرئيس نبيه بري. طبعاً حظي الرئيس اميل لحود بعطف صريح من الاسد الاب ثم من نجله بشار.
> كيف كانت علاقة معمر مع الرئيس بشار الاسد؟
- لم تكن بمستوى العلاقة مع والده. كان القذافي يعتبر نفسه اكثر خبرة من جيل الأبناء من الحكام العرب وكان ينادي الواحد منهم احياناً بكلمة يا ابني وهذه مخاطبة غير مناسبة.
> من كان الاقرب الى القذافي في لبنان؟
- كانت العلاقة قوية مع القوى الوطنية اللبنانية وكان ممثلوها يزورون ليبيا ويلتقون المسؤولين ويحصلون على الدعم. هذا الملف كان في السنوات الاولى في عهدة الرائد عبدالسلام جلود الذي قام بزيارات ووساطات في الموضوع اللبناني. قدمت ليبيا دعماً واسعاً للقوى الوطنية اللبنانية والمنظمات الفلسطينية. عندما اندلعت الحرب في لبنان كان لليبيا موقف ايجابي تجاه المسيحيين اللبنانيين وكانت ضد الضغط عليهم او حشرهم الى درجة التفكير في التعامل مع اسرائيل.
> لماذا اهتم القذافي بلبنان وأنفق تلك الاموال فيه؟
- لبنان بلد مفتوح وفيه حيوية سياسية وإعلام وأفكار وأحزاب وتيارات قومية وقبل ذلك وجود الثورة الفلسطينية على اراضيه. كان هناك شعور بأهمية الوجود على الساحة اللبنانية لارتباطها بشؤون المنطقة. جمال عبدالناصر اهتم بالوضع في لبنان. حافظ الاسد كان يعتبر ان ترك لبنان يشكل خطورة على الامن القومي لسورية. صدام حسين اهتم ايضاً في مرحلة ما. القذافي اهتم هو الآخر. تركيبة لبنان كانت تسهل هذا النوع من الاهتمام او التدخل.
> في عهد القذافي كانت العلاقات الليبية - السعودية مضطربة؟
- الحقيقة ان السياسة السعودية لا تسعى الى اثارة المشاكل وتوافق على معالجتها في حال حدوثها. الخطأ كان يأتي من جانب معمر. خذ مثلاً محاولة توزيع «الكتاب الاخضر» خلال موسم الحج. تدخلت لدى الأمير سلطان بن عبد العزيز. وللأمانة كان موقفه ايجابياً وقد كان دائماً منفتحاً ورحب الصدر. كما التقيت الأمير فهد بن عبدالعزيز بعدما ألقوا القبض على ثلاثة ليبيين اثاروا مشاكل في الحج. سلمني اياهم وأعدتهم معي. القيادة السعودية قيادة عاقلة. في فترة لاحقة ذهبت الى الملك عبدالله بن عبدالعزيز في 2010. كانت لدى الملك مآخذ خصوصاً ان السلطات اكتشفت محاولة اعدّتها الاجهزة الليبية لاغتياله.
كانت التدهور بدأ بعد الإشكال الذي وقع في القمة العربية في شرم الشيخ. خلال القمة التقيت الأمير عبدالله وحاولت احتواء الموقف وتمنيت على الرئيس حسني مبارك ان يبذل جهوده. انا كنت ضد اي تدهور بين طرابلس والرياض. ذات يوم طلب مني القذافي ان اهاجم السعودية خلال زيارتي الى اليمن فلم افعل. طبعاً الملك عبدالله كان لا يثق بالقذافي. وكانت لديه معلومات مؤكدة عن خطة استهدافه. محاولة الاغتيال كانت نوعاً من رد الفعل الغوغائي من جانب القذافي على ما حدث في شرم الشيخ من صدام بين الرجلين. على رغم ذلك ابدى الإخوان في السعودية استعداداً لتجاوز ما حصل لكن القذافي كان عنيداً في هذا الموضوع. كان معمر يتخذ مواقف سيئة وغير مبررة وغير منطقية كالمطالبة بوضع الحرمين الشريفين تحت إشراف غير سعودي.
> كيف كانت علاقة معمر مع الرئيس علي عبدالله صالح؟
- عادية لكن الرئيس صالح كان يتهم القذافي بدعم الحوثيين وان السلطات اليمنية صادرت اموالاً ليبية كانت مرسلة اليهم.
> الى اي درجة كان العمل مع القذافي صعباً؟
- صعب جداً جداً. طبعاً انا لم امارس عملاً في الشأن الداخلي. في العمل الديبلوماسي كان القذافي صعباً وعليك دائماً ان تحاول اصلاح الأضرار التي تسببها تصريحاته او ممارساته. كان يتخذ مواقف عاطفية او ارتجالية وتنعكس على علاقات البلد. تسبب في ازمات كثيرة مع تونس والسعودية والسودان ودول اخرى. كنت مع مجموعة من الاخوان في الدولة نسارع الى حصر الأضرار تمهيداً لإيجاد حلول.
لم يكن القذافي يراعي الاصول الديبلوماسية. طلب مني مثلاً ان انقل رسالة الى الملك الحسن الثاني وأصر ان اقول للعاهل المغربي «انه رجعي وعميل» واتهامات اخرى. تصور ان يصل مبعوث الى دولة ليبلغ ملكها او رئيسها انه «عميل». لم نكن ننقل مثل هذا الكلام.
ذهبت الى الملك الحسن الثاني لأسلمه دعوة الى القمة الافريقية المقرر عقدها في طرابلس. استقبلني الملك في حضور وزير خارجيته واثنين من مستشاريه. قال لي قبل تسلم رسالتك احب ان اسمعك شريطاً. بدأ الشريط وإذ هو عبارة عن تعليق في الاذاعة الليبية تضمن ألفاظاً بذيئة ضد الملك وأخلاقه ومواقفه. صدم الحاضرون من الجانب المغربي لكن الملك كان يهدئهم. عقدت جلسة طويلة مع العاهل المغربي امتدت من الثامنة مساء حتى الثانية صباحاً. في نهاية الجلسة قال الملك ما رأيك يا علي ان نقوم نحن الرجعيين بتعيين شخص وتقومون انتم كتقدميين بتعيين شخص ويكون الحوار بينهما. سألته من ترشح فسمّى مسؤولاً مقرباً من الرئيس الشاذلي بن جديد. وسألني من نرشح فأوردت اسم العراقي سعدون حمادي فقال نحن نحسب سعدون معنا، اي مع الرجعيين. الحقيقة ان الملك كان يسخر من الاتهامات التي درج القذافي على إطلاقها ضد الدول المعتدلة او التي تقيم علاقات قوية مع اميركا.
هناك حالات عدة من هذا النوع. كان يغضب من عمرو موسى فيقول لي اطلبه واشتمه وقل له كذا وكذا وكنت اجيبه انا لا اقدر ان اشتم.
> لكن علاقته كانت جيدة مع زين العابدين بن علي؟
- كان بينهما نفاق متبادل. ذات يوم قال الرئيس حسني مبارك ان قمة عربية طارئة ستعقد في مصر، والملوك والرؤساء مدعوون لحضورها. بدت لهجته وكأنها استدعاء. حملني القذافي رسالة الى مبارك تقول نحن لسنا موظفين عندك وأشياء اخرى. طبعاً انا ذهبت وتحدثت بمفردات مقبولة من نوع ان الصيغة التي استخدمت فهمت وكأنها وقد تفهم الرئيس المصري. حملني رسالة من النوع الساخن الى الرئيس فرنسوا ميتران بسبب الوضع في تشاد، لكن طبعاً انا لم استخدم مفردات القذافي.
> اذاً العمل معه صعب؟
- جداً. تصور ان يفكر في تقسيم سويسرا او طردها من الامم المتحدة او اعلان الجهاد ضدها لأنها اتخذت إجراء ضد تجاوزات نجله هانيبال وزوجته. انه في الحقيقة مزاجي ويقوم احياناً بمبادرات مضرة. جرى نقاش حاد بيني وبينه حين اختلف مع رئيس جنوب افريقيا مبيكي وراح يدعم الرئيس الحالي زوما. لقد كان جزء من وقتنا مكرساً لاصلاح الأخطاء والاضرار.
> كيف استطعت العمل اذاً هذه المدة الطويلة معه؟
- انا في الحقيقة كنت خارج البلاد لسنوات طويلة بسبب طبيعة عملي. ثم انني لم اعمل في الشأن الداخلي. امضيت نحو عشر سنوات اعمل مندوباً في الامم المتحدة. وأربع سنوات سفيراً في باريس. وأمضيت سنتين مندوباً لدى الجامعة العربية. تصور ان يطلب مني بعد خطابه في نيويورك وكنت رئيساً للجمعية العامة ان علينا ان نتحرك لإعادة فتح التحقيق في اغتيال الرئيس جون كينيدي. تصور موقفي امام الحاضرين ووسائل الاعلام. يريد اعادة التحقيق في مقتل كينيدي وكأن ليست لدينا مشاكل اكثر الحاحاً. هذا الموضوع شبيه باهتمامه المفرط بالهنود الحمر وما تعرضوا له. يتصور الحاكم احياناً انه قادر على قلب المقاييس والاولويات والمزاج العام.
> لنعد الى قصة الجمعية العامة؟
- كانت تلك المرة الوحيدة التي ذهب فيها القذافي الى الجمعية العامة وكان رئيساً للاتحاد الافريقي. وكنت انا رئيساً للجمعية العامة. يفترض برئيس الدولة الا يتحدث اكثر من عشر دقائق. معمر تحدث ما يزيد على ساعة ونصف الساعة. وضعني في موقف حرج جداً. كان الامين العام المساعد يريد الضغط على زر الضوء الاحمر لتذكير المتحدث بأن وقته انتهى. رحت ارسل الرسائل للقذافي كي يختصر لكنه استرسل واسترسل.
النقطة الاخرى المسيئة كانت حين اغتنم وجوده على المنصة لرمي ميثاق الامم المتحدة. بدا الاستياء واضحاً على وجه الامين العام بان كي مون وكان ينوي مطالبته بوقف كلمته لكنني طلبت منه التريث لأنني لا اعرف ما يمكن ان يكون عليه رد معمر. لقد خجلت الى درجة انني اخفيت وجهي بيدي وظهرت صوري في الإعلام على هذا النحو.
قال القذافي اشياء غير معقولة على الاطلاق. علاوة على قصة كينيدي طالب باطلاق سراح الجنرال نورييغا. بدا القذافي جاهلاً تماماً بقواعد العمل في الجمعية العامة وقواعد إدراج المسائل على جدول اعمالها. تحدث كمن يلقي خطبة في سرت او طرابلس حيث هو المرجع الاول والاخير ويستطيع ان يقول اي شيء ويطالب بأي شيء. طبعاً لم يؤخذ بشيء مما قاله على رغم ان بعض الدول الصغيرة في الكاريبي التي تحصل على اموال ليبية حاولت الايحاء بانها يمكن ان تقترح معالجة بعض مطالب القذافي. الحقيقة ان مندوب ليبيا لدى الامم المتحدة عبدالرحمن شلقم لعب دوراً هو الآخر في مساعدتي على الخروج من هذه الورطة. كانت فضيحة كاملة.
> هل اثارت خيمته مشكلة يومها؟
- لم يقبل الاميركيون موضوع نصب الخيمة واضطر الى نصبها داخل المندوبية الليبية.
> هل كان القذافي مجنوناً او على شفا الجنون؟
- انا اعتقد انه في كثير من الاحيان كان يعيش في عالمه الخاص. لدي شعور انه كان مقتنعاً بأنه شخصية استثنائية وانه مكلف تغيير العالم. تغيير العالم مسألة لا تستطيعها دول كبرى. لم يدرك معمر، لا حجم ليبيا المحدود ولا حجم دوره. المشكلة ان الحاكم اذا حقق بعض النجاحات الصغيرة يعتبر انه قادر على تحقيق كل شيء. مثلاً يمكنك ان تقنع حاكماً في افريقيا بفرض اللغة العربية او باعتناق الاسلام مقابل دعم سخي لكن في القضايا الكبرى الامر مختلف. ينفصل الحاكم احياناً عن الواقع ويأتي المداحون ليضاعفوا المشكلة. يزداد التعقيد اذا كان الحاكم لا يعرف الآليات التي تتحكم بالعلاقات بين الدول وتعقيدات المشهد الدولي. تتضاعف الصعوبة اذا كان الحاكم ينطلق من ثقافة محلية محدودة ومن افكار قديمة ويعتبر انه يمسك بالحقيقة المطلقة وانه قادر على فرضها. اخطر ما في القذافي انه صاحب مواقف غير متوقعة وردود فعل غير متوقعة ويقترح حلولاً لا يمكن توقعها. من انت مثلاً لتطرد سويسرا من الأمم المتحدة؟ طلب من مندوب ليبيا ان يطرح الموضوع في شكل رسمي. رفض المندوب الليبي جاد الله عزوز الطلحي تنفيذ الطلب فاستدعي الى طرابلس. شلقم ايضاً لم يكن ينفذ هذا النوع من الطلبات. القذافي يقرأ كثيراً لكنه لا يعرف العالم الحقيقي، العالم القائم على ارض الواقع. انه يتعامل مع اميركا كأنه يتعامل مع غرينادا. لا يتوقف عند القوة الاقتصادية والسياسية. تصور مثلاً ان يطالب في خطابه بنقل مقر الأمم المتحدة الى سرت بعد نقلها في مرحلة اولى الى اوروبا. كان يقول اي كلام.

الثلاثاء، 3 يوليو 2012

وشهد شاهد من أهلها(3)

بسم الله الرحمن الرحيم

الجمعة، 29 يونيو 2012

وشهد شاهد من أهلها(2)

بسم الله الرحمن الرحيم



جاء القذافي بثياب رياضية وقال لسيمونوفيتش: تحتاجون إلى نفط إلى أين يمكن أن نرسله لكم؟
  تيتو والقذافي: طرابلس وبلغراد 1970 و1975
خلال حزيران (يونيو) الجاري نشرت الصحيفة البلغرادية المعروفة «داناس» مذكرات السفير اليوغسلافي - الصربي المخضرم دوشان سيمونوفيتش. وكان سيمونيتش قد تخرّج في قسم الاستشراق في جامعة بلغراد وانضم إلى العمل الديبلوماسي الذي بقي فيه أربعين عاماً إلى أن تقاعد. وفي بداية عمله الديبلوماسي زار ليبيا في السنوات الأولى لحكم القذافي وصُدم هناك بما شاهده. لذلك، دعا ربه قائلاً: «إذا أصبحت سفيراً في يوم من الأيام فأرجو ألا يكون العقاب لي في ليبيا!». ولكن الله لم يستجب دعاءه وأرسل إلى ليبيا ليخدم فيها بالذات فترتين (9 سنوات) وفي حقبتين مختلفتين.
كان سيمونوفيتش قد عيّن سفيراً في وضع صعب بالنسبة للدولتين نتيجة للعقوبات الدولية التي فرضت عليهما، بسبب دعم الإرهاب بالنسبة لليبيا وبسبب تورط صربيا في الحرب على البوسنة 1992 - 1995. لذلك، كان من حظه أن يسافر في آخر طائرة تنطلق من بلغراد إلى تونس في 31 أيار (مايو) 1992 قبل تطبيق حظر رحلات الطيران. في ذلك الحين كانت يوغوسلافيا التيتوية قد انهارت وأعلن في بلغراد في 27 نيسان (أبريل) 1992، عن تأسيس «جمهورية يوغوسلافيا الفيديرالية» التي اقتصرت على صربيا وكوسوفو والجبل الأسود.
ومع ذلك فقد حظي سيمونوفيتش بتكريم خاص بفضل العلاقة التي كانت تربط ليبيا بيوغوسلافيا التيتوية، وهو ما يخصّص له جزءاً من مذكراته في الحديث عن تناقضات القذافي. فقد كان القذافي يعتبر زيارة تيتو ليبيا بعد توليه الحكم في 1970 حدثاً كبيراً لأنها عززت من مكانته الجديدة في العالم العربي والعالم الثالث؛ فتيتو كان الوحيد على قيد الحياة من القادة المؤسسين لحركة عدم الانحياز. وعلى رغم ذلك فقد بدأت الزيارة الأولى لتيتو مع زوجته يوفانكا لليبيا في ظروف غير متوقعة. حطت طائرة الرئيس تيتو في المطار العسكري لطرابلس في الموعد المقرر بدقة ولكن لم يكن القذافي في انتظاره. وقد بدا التململ في الوفد الكبير المرافق لتيتو نظراً إلى معرفتهم بحرص تيتو على البروتوكول، ولكن تيتو فاجأ الجميع بإخراج غليونه والتدخين بهدوء. وبعد ربع ساعة من الانتظار بدا القذافي من نوافذ الطائرة وهو يهرول باتجاه الطائرة. وقد تكرر هذا لاحقاً في زيارات تيتو إذ «اعتاد» على انتظار القذافي في الفيلا المخصصة له بطرابلس التي اشتهرت باسم «فيلا تيتو».
ولكن «صبر» تيتو كان له ثمنه. فقد جمعت بين تيتو والقذافي ستة لقاءات عادت بالخير الوفير على يوغوسلافيا لأنها فتحت الباب على مصراعيه أمام كبريات الشركات اليوغسلافية («إنرغوبرويكت» و «يوغو إمبورت» و «راد» إلخ) لتعمل في إنشاء البنية التحتية من طرق وجسور ومستشفيات حتى وصل عدد الفنيين العاملين في ليبيا إلى عشرين ألفاً وتجاوز الميزان التجاري بين البلدين بليون دولار.
ومع أن السفير يتحدث بالتفصيل عن تناقضات القذافي بعد وصوله إلى الحكم، وبالتحديد ما بين سعيه إلى الوحدة العربية في بداية عهده والوحدة الأفريقية في نهاية عهده، وعن الفساد الواسع (كانت ليبيا في عهده تحتل الرقم 152 من بين الـ172 دولة من دول العالم) وعن التحول من حكم الجماهيرية إلى حكم الاسرة وتبديد أولاده الثروة مقابل تزايد البطالة في صفوف الشباب (61 في المئة من السكان تحت سن الـ25)، فإنه يترك حيزاً جيداً لعلاقته الشخصية مع القذافي التي نمت على غير العادة. فقد كان زملاؤه من السفراء لا يرون القذافي إلا في التلفزيون لأنه لم يكن يستقبلهم خلال تقديمهم أوراق الاعتماد لأنه «لم يكن رئيس دولة».
ويروي السفير سيمونوفيتش كيف أنه بعد أشهر عدة من وصوله، حينما كانت الحرب قد استعرت في البوسنة، جاءه اتصال عاجل من وزارة الخارجية ليستعد للقاء رسمي، وبعد أن جاءت السيارة ذات الستائر المغلقة إلى مقره وطافت به في الشوارع دخلت به إلى مباني باب العزيزية ليرى نفسه فجأة أمام القذافي. وما إن قُدّم الشاي للسفير حتى تتالت أسئلة القذافي: ما الذي يحدث في يوغوسلافيا؟ لماذا تتحاربون؟ كيف يمكن أن يحصل هذا في بلادكم؟ وقد استأذن السفير أن يقدم للقذافي خلفية تاريخية عن شعوب البلقان وعن العلاقات الدينية والطائفية وعن التأثيرات الخارجية في انهيار يوغوسلافيا، مع حرصه في النهاية على عدم انتقاد طرف بعينه لحرصه على مشاعر القذافي كمسلم. ولكن القذافي في نهاية هذا اللقاء الذي استمر ساعتين اختتم بالقول: «عزت بيغوفيتش يؤذي شعبه. يجب على المسلمين والصرب أن يبقيا معاً في يوغوسلافيا». وأراد السفير أخيراً أن يجامل القذافي فقال له إن الشاي الذي شربه عنده «أطيب شاي شربه في ليبيا!».
وعندما عاد السفير إلى مقره أرسل تقريراً عاجلاً عن اللقاء إلى وزارة الخارجية في بلغراد، لكنه فوجئ في اليوم التالي بأن تصريحات القذافي نشرت في صحف بلغراد بما فيها تلك التي ينتقد فيها رئيس البوسنة علي عزت بيغوفيتش. وتوقع السفير أن يثير ذلك انزعاج القذافي، الذي كان يقدم المساعدات السخية لحزب بيغوفيتش (حزب العمل الديموقراطي). وتلقى السفير في اليوم التالي اتصالاً من وزارة الخارجية لكي يستعد للقاء رسمي، ما أثار قلقه. في هذه المرة جاءت السيارة ذات الستائر المغلقة لتأخذ السفير سيمونوفيتش إلى مكتب القذافي. حين دخوله وجد القذافي مسترخياً في اللباس الشعبي وأمامه كأسان من الشاي ينبعث منهما البخار. قال القذافي: «الشاي في انتظارك»، ثم دخل فوراً في الموضوع: «بعد حديثنا تلك الليلة تحدثت مع بعض القادة العرب، وبخاصة أولئك الذين ينتقدوني بأنني منحاز إلى الصرب في هذه الحرب غير العادلة. ذكرت لهم الكثير مما حدثتني به فلم يعارضوني بل إنهم أيدوني. لذلك، أريد أن أستمع إليك أكثر». ويضيف السفير هنا أن القذافي بعد أيام من هذا اللقاء كان في زيارة إلى جامعة الفاتح، حيث تحدث عن السياسة الخارجية الليبية، وقد كرر هناك أنه يأسف لما حدث ويحدث في يوغوسلافيا وأن على المسلمين أن يعيشوا مع الصرب.
في تلك الفترة كانت العقوبات الدولية على ليبيا ويوغوسلافيا تخنق الأوضاع هنا وهناك. تلقى السفير سيمونوفيتش اتصالاً من الخارجية للقاء عاجل. في هذه المرة قادته السيارة ذات الستائر المغلقة إلى خارج طرابلس لتتوقف فجأة أمام خيمة منعزلة في الصحراء. وحين اقترب منها وجد فيها طاولة وكرسيين فقط، وبعد أن انتظر حوالى ساعة جاء القذافي وهو يقود سيارة فولكس فاغن بثياب رياضية. وما إن وصل القذافي حتى فرش على الطاولة خريطة لأوروبا وقال: «إنكم تحتاجون إلى نفط، أين يمكن أن نرسل لكم سفن نفط؟».
بعد هذا اللقاء كانت صربيا قد تعرضت في 1999 إلى قصف الناتو لكي تسحب قواتها من كوسوفو وأرسل ميلوشيفيتش إلى لاهاي في 2002 وجرى الغزو الأميركي للعراق في 2003 ما أدى إلى أوضاع جديدة في ليبيا ويوغوسلافيا. فقد «تصالح» القذافي مع الغرب وسقطت العقوبات الدولية ضد ليبيا، كما أن «جمهورية يوغوسلافيا الفيديرالية» تحولت في 2004 إلى «صربيا والجبل الأسود». وبهذه الصفة قدم سيمونوفيتش في نهاية 2004 أوراق اعتماده باعتباره سفيراً لـ «صربيا والجبل الأسود»، وفتح الباب في كانون الثاني (يناير) 2005 لزيارة الرئيس الجديد بوريس تاديتش لزيارة طرابلس وتأسيس علاقة جديدة لليبيا مع صربيا ما بعد ميلوشيفيتش.
في نهاية مذكراته يعترف سيمونوفيتش، الذي أصبح حاضراً في وسائل الإعلام الصربية باعتباره خبيراً في شؤون ليببا والقذافي، أن الموقف الصربي تجاه الثورة ضد القذافي كان يتسم بالفرق الكبير بين الموقف الرسمي والموقف الشعبي. فالموقف الرسمي كان يأخذ في الاعتبار أن صربيا أصبحت دولة مرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. لذلك، كان يؤيد حق الشعب الليبي في تقرير مصيره، بينما كان الموقف الشعبي مؤيداً للقذافي الذي كانت ترفع صوره في بلغراد والمدن الصربية الأخرى. أما السبب في ذلك فهو ارتباط قصف الناتو ليبيا في 2012 بقصف الناتو صربيا ف

الأربعاء، 27 يونيو 2012

وشهد شاهد من أهلها(1)


حطام طائرة «بان أميريكان» (أ ب)

بسم الله الرحمن الرحيم
أجرت دار الحياة لقاء مع عبدالسلام التريكي تحدث فيه عن احداث قام بها نظام الطاغية وكأن الرجل كان مراقبا محايدا ولم يكن أحد رموز النظام , سأنشرها في حلقات ليستفيد منها الجميع.

 
لم يعرف الركاب الذين صعدوا في الطائرة المدنية الليبية المتجهة من بنغازي الى طرابلس اي مصير ينتظرهم. خططت الاجهزة الليبية لتفجير الطائرة وكان الهدف إلصاق التهمة بأميركا وفرض نوع من المقايضة مع طائرة «لوكربي». انفجرت الطائرة وتناثرت الأشلاء. وشاءت الصدفة ان يكون قائدها عديل وزير الخارجية الليبي السابق علي عبدالسلام التريكي.
حاول التريكي بعد اندلاع الثورة الاجتماع بالقذافي لكنه لم ينجح. وحين انشق عبدالرحمن شلقم مندوب ليبيا في الامم المتحدة عن النظام ووجه اليه ضربة قاسية وقع خيار القذافي على التريكي. تظاهر الرجل بقبول المهمة وخرج الى تونس وحين وصل الى القاهرة اعلن انشقاقه. وهنا نص الحلقة الرابعة:
> ماذا تقول عن عملية تفجير الطائرة الاميركية فوق لوكربي؟
- هذه القضية معقدة فعلاً. ليبيا اتُهمت بالعملية وسواء كانت وراءها ام لا وسواء نفذتها منفردة ام بمشاركة آخرين، فإن تلك قضية كان يجب أن يبحث فيها مجلس الطيران في كندا ويُصدر فيها قرار ويتم التحقيق على هذا الأساس. صدر قرار من مجلس الأمن وكان ذلك مقصوداً لأن ليبيا كانت ضعيفة في ذلك الوقت وكانت محاصرة واعتقادي انه حتى لو لم تكن ليبيا المسؤولة، فإنه كان سيُصار الى تحميلها المسؤولية.
> هل تعتقد ان ليبيا غير مسؤولة عن حادثة لوكربي؟
- هناك أقوال كثيرة، إذ كانت هناك فرضية أن ليبيا مسؤولة، كما طرحت فرضية مسؤولية بعض العناصر الفلسطينية. حتى لو أن ليبيا كانت المسؤولة فإن القرار لا يصدر عن مجلس الأمن وما تلاه من حصار وفرض عقوبات. حصلت تفجيرات لطائرات عدة في السابق، مثل الطائرة الهندية التي انفجرت فوق المحيط الأطلسي وذهب ضحيتها الكثيرون، والطائرة المصرية التي انفجرت في اميركا فقيل ان الطيار ردد بعض العبارات. في تلك الحوادث لم تُتخذ الإجراءات التي اتُخذت ضد ليبيا كدولة فقد استغلوا ضعف الليبيين وتوّحد مجلس الأمن ضد ليبيا، وتصرفات معمر القذافي ربما أدت الى تفاقم هذا الموضوع. انا لا اريد تبرئة الاجهزة لكنني اشير الى ان طريقة العقاب كانت غير عادية.
> هل كان المسؤولون الليبيون يتحدثون في ما بينهم عما إذا كانت ليبيا نفذت التفجير أم لا؟
- حتى لو كانت ليبيا المسؤولة فإن ذلك لم يكن بعلم المسؤولين الليبيين، لكن المفروض لو وجد قانون دولي نزيه فإن القضية لا ترقى الى مستوى قضية ضد دولة فيُصار الى محاصرتها ويُمنع عنها الغذاء، رد الفعل كان مبالغاً فيه في شكل كبير. الحصار آذى الليبيين وأضعف ليبيا. تصرفات معمر القذافي الشخصية هي التي فاقمت الموقف.
> ما قصة طائرة «يو تي آيه» الفرنسية التي قيل ان الاجهزة الليبية فجّرتها فوق النيجر لاعتقادها ان المعارض محمد المقريف كان بين ركابها؟
> ينطبق عليها ما ذكرت عن لوكربي، وصدر حكم في شأنها في فرنسا. المنطق الموجود في هذا العالم الغريب يجعل أي خلاف بين دولة كبيرة ودولة صغيرة يخسّر الدولة الصغيرة الحُجة والقرار يكون للدولة الكبيرة.
> هل تعرف الرئيس بشار الأسد شخصياً؟
- نعم قابلته ونقلت اليه رسائل تتعلق بإطار العمل العربي المشترك. علاقاته مع معمر القذافي لم تكن علاقات خاصة كما كانت الحال مع والده الرئيس حافظ الأسد، وكان القذافي ينادي بشار «يا إبني». مشكلة القذافي أنه كان ينادي الملك محمد السادس أيضاً «يا إبني»، وكان ذلك يُسبب للحكام (الشبان) إزعاجاً. بشار الأسد زار ليبيا ولكنني لم أكن موجوداً خلال زيارته.
> تعرفت إلى القذافي عام 1973. متى أدركت أن القذافي يتوجه نحو كارثة؟ هل كنت تتوقع أن يصل «الربيع العربي» الى ليبيا؟
- نحن حقيقة منذ عام 1975 ومعي بعض الزملاء بتنا ندرك خطورة الموقف بعد التصفيات التي تمت وعمليات الإبادة والقتل، وعملية سجن أبو سليم لاحقاً، تلك التصرفات كانت تنذر بكارثة. تصرفات القذافي ثم تصرفات أولاده المالية وسيطرتهم على الاقتصاد كانت أمراً مزعجاً، فقد أعلن «الجهاد» على سويسرا نتيجة لأن ابنه هنيبعل، وزوجته اللبنانية، تسببا بمشكلة هناك. أولاده أساؤوا اليه في شكل كبير وكذلك هو كانت تصرفاته حمقاء بخاصة عندما بدأت الثورة ضده، أعطى تعليمات بقتل الناس خصوصاً في مصراتة حيث طلب إبادة جماعية لأهلها، ومحاولة تدمير بنغازي. كانت تصرفات شخص أهوج. إذا كانت هناك ثورة ضدك كحاكم عليك أن تحاول حل المشكلة سياسياً لا أن تبيد شعبك وتنعت الناس بالجرذان و «مَنْ أنتم»؟ القذافي في السنوات الأخيرة أصبح خارج الواقع.
> هل كان التوريث مطروحاً فعليا وأن سيف الإسلام سيكون خليفته؟
- لم يتحدث علناً عن ذلك معنا لكن تصرفاته كانت توحي بذلك، بعدما أصبح التوريث في العالم العربي مباحاً بعد الذي حصل في سورية وما كان يُحضّر في اليمن، وأصبحت الجمهوريات كالملكيات في الوطن العربي. كل حاكم عربي يريد نقل السلطة الى إبنه.
> كيف كانت علاقة القذافي بالرئيس حسني مبارك؟
- كانت جيدة وأعتقد أنه دعم مبارك في مصر، لكن لم يكن لدي اطلاع مباشر على هذا الأمر.
> مَنْ كان الرجال الأساسيون حول القذافي في السنوات الأخيرة؟
- من الصعب الحديث عن رجال اساسيين في بلد حجم الصلاحيات فيه مرهون برضى الحاكم. هناك أشخاص لديهم وظائف، لكن الناس الأقرب اليه لا يملكون مناصب، مثل أقربائه وكتائب الأمن الخاصة به ومجموعة من قبيلته بينهم خليفة حنيش الذي توفي أخيراً.
> ماذا كان موقع عبدالله السنوسي؟
- عبدالله السنوسي عديل القذافي وله تأثير عليه وبقي معه. كان رجل أمن، مدير الاستخبارت العسكرية ونائب مدير المخابرات العامة وكان مقرباً منه. بالنسبة الى معمر القذافي كان هو السلطة المطلقة على رغم وجود ناس قريبين منه في الأمور الداخلية، مثل رؤساء الوزارات والبغدادي المحمودي بينهم.
> خلال الاجتماعات هل كان القذافي يقبل أن يعارضه أحد؟
- ممكن أن يتقبل المعارضة خصوصاً خلال اللقاءات الثنائية أي على إنفراد.
> ما المواقف التي تذكرها بينكما؟
- هناك مواقف عدة في ما يختص بالسياسة الخارجية كنت أقول رأيي فيها وأعترض عليها لأنها غير مناسبة أو غير منطقية، لكن إذا أصر ننفذ ففي النهاية هو يتحمل مسؤوليتها. كنا مجموعة من السياسيين نجتمع بالقذافي، مثل عبدالرحمن شلقم وبشير صالح، سكرتير القذافي، وشكري غانم، نناقشه في كثير من المواضيع ونعارضه أحياناً.
> كيف كانت تجربة عبدالرحمن شلقم في وزارة الخارجية؟
- عبدالرحمن شخص جيد وعاقل وله رأيه، وعلاقتي الشخصية به جيدة جداً.
> بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001 هل حدث تحول في نهج القذافي؟ هل كان يكره الإسلاميين في الداخل؟
- لا علاقة للقذافي بأحداث 11 سبتمبر لا من قريب ولا من بعيد، لكن سيف الإسلام اجتمع مع الإسلاميين وتناقش معهم وتم العفو عن البعض منهم على رغم أن الكثير من الإسلاميين تعرضوا للقتل، خصوصاً في سجن أبو سليم (المذبحة الشهيرة التي راح ضحيتها 1270 سجيناً)، وفي غيرها من التصفيات.
هناك ايضاً مذبحة الطائرة الليبية في 1992 والتي قتل فيها 157 شخصاً. الاعتقاد السائد هو ان الاجهزة الليبية أسقطتها عمداً وحمّلت الاميركيين في حينها المسؤولية بذريعة انهم لم يزودوا ليبيا قطع الغيار. كانت عملية مدبرة والطيار كان عديلي علي الفَقَيّ وقتل فيها. الطائرة أسقِطت بصاروخ بعدما كانت زرعت بمتفجرات لم تنفجر بطريقة صحيحة. وتردد ان الغرض من الجريمة كان إجراء مقايضة مع الاميركيين في قضية طائرة «لوكربي» اي نحن اتهمنا بإسقاط طائرة وأنتم اتهمتم بإسقاط طائرة فلنقفل الملف. طبعاً هذا تفكير ساذج.
> كيف كان موقفك كوزير للخارجية ومبعوث للرئيس الليبي بعد ادوار القذافي هذه وكيف كانت الدول تتعامل معك؟
- واجهت مشاكل عدة وتلقيت ردود فعل دولية تجاه أعمال لا أخلاقية بخاصة لجهة تعقب الليبيين (المعارضين) في الخارج وتصفيتهم.
> هل تولت الاستخبارات الليبية مهمة تصفية الليبيين المعارضين في الخارج ام استعانت بآخرين مثل جماعة «أبو نضال» مثلاً؟
- نعم عبر أشخاص مأجورين يثقون بهم، لكن لا أعرف إذا تم استخدام «أبو نضال» أم لا، لكن من المؤكد أنهم استخدموا بعض الفلسطينيين.
> استخدم القذافي «الجيش الأحمر» الياباني واستخدم كذلك «الألوية الحمر»؟
- كانت لديه امكانات ضخمة واستخدم كثيرين. الإرهاب الذي مارسه معمر القذافي ضد المعارضة الليبية في الداخل والخارج أمر غير مقبول. كذلك أعتقد أنه كان وراء عملية خطف وزراء «اوبك» في فيينا التي ذهب ضحيتها بعض الليبيين مثل يوسف الازمرلي الذي كان صديقنا وزميلنا وكان موجوداً ضمن الوفد الليبي وقُتل خلالها.
> متى أعلنت طلاقك مع النظام في ليبيا؟
- بعد عودتي من الأمم المتحدة ورئاستي الجمعية العامة في نيويورك طلبت إعفائي. وذكرت أنني غير راغب في الوظيفة اطلاقاً، فقد أمسكت أعلى وظيفة في العالم رئيساً للجمعية العامة في الأمم المتحدة ولم يعد لدي أي رغبة للعمل في وزارة الخارجية. ابلغت هذه الرسالة الى معمر وأنني أريد أن أترك وأتقاعد. عندما بدأت الأحداث كنت في طرابلس. ذهبت الى السنغال ولدى عودتي بدأت الأحداث في بنغازي وحاولت الاتصال بالقذافي للقائه أو التحدث اليه لإبلاغه أن ما يحدث غير مقبول. اتصلت بسكرتيره بشير صالح فلم يرد عليّ ثم اتصلت مرة ثانية وتحدثت الى أحد موظفي السكرتارية ولم يعودوا اليّ لتحديد موعد لي مع القذافي. بدأت الأحداث وأنا في طرابلس. حتى خلال الأحداث كانت مشاركتي مجمدة ولم أدعَ الى اجتماعات اللجنة السياسية، التي شُكِّلت لمعالجة الموقف.
عند تطور الأحداث، وبعدما اتخذ عبدالرحمن شلقم موقفه، تذكروني وطلبوا مني التوجه الى نيويورك، وكان موقفي صعباً جداً سواء كان ردي بالرفض أو الموافقة وبدأت أخطط للخروج من البلد. طلبوا مني التوجه لمقابلة بان كي مون (الامين العام للامم المتحدة) في تونس. ذهبت الى تونس لكنني لم أقابل الرجل ولم أطلب مقابلته بل قابلت الباجي قائد السبسي وهو صديقي وكان رئيس وزراء تونس وأبلغته أنني سأسافر واتصلت بالسفير الاميركي في تونس وطلبت منه إبلاغ حكومته ألا يصدروا تأشيرة لي لأنني لا أرغب في السفر الى نيويورك (مبعوثاً من القذافي). واتصلت هاتفياً بسوزان رايس وأبلغتها. اتصلت أيضاً بفرنسوا غييان الذي كان سفير فرنسا في ليبيا وتسلم الملف الليبي في وزارة الخارجية الفرنسية. أخذت إجراءاتي ومن تونس توجهت الى القاهرة في 20 آذار (مارس) 2011، وكانت الثورة بدأت في بنغازي في 17 شباط (فبراير)، وأصدرت يومها من القاهرة بياناً دنت فيه ما يجري وقدمت استقالتي وأعلنت انشقاقي عن النظام. أنا توجهت من تونس الى القاهرة على أساس أنني سأطلب تأشيرة من سفارة اميركا في القاهرة وأبلغت الاميركيين في القاهرة أنني لا أريد التأشيرة.
يوم 21 آذار (مارس) هجمت كتائب القذافي على منزلي في طرابلس وتم تدميره بالكامل بعدما أخذوا كل مقتنياتي، زوجتي غادرت معي وكنت رتبت سفر ابني محمد قبل مغادرتي ليبيا. خسرت كتبي وصوري ووثائق وتذكارات 40 سنة من العمل. وظهرت قائمة الخمسين شخصية الذين تم إهدار دمهم وإباحة قتلهم بأمر من القذافي، وأنا من ضمنهم. بقيت في القاهرة حيث لقيت كل الدعم من الحكومة المصرية والأمن المصري. بدأت من أيامي الأولى في القاهرة العمل من أجل دعم الثورة الليبية، سواء إعلامياً أو من خلال اتصالاتي مع البريطانيين والفرنسيين واتصلت بالرئيس (الجزائري عبدالعزيز) بوتفليقة، وهو صديقي، ليدعم الثورة الليبية، ووجهت اليه رسائل عدة بينها رسالة من طريق عبدالقادر حجّار، سفير الجزائر في القاهرة، ومن طريق الأخضر الابراهيمي اللذين أوصّلا اليه الرسالتين. كما اتصلت بأصدقاء لي في الحكومة السودانية وطلبت دعمهم. قابلت نبيل العربي وكان وزير خارجية مصر حينها وحدثته مطولاً وبيّنت له موقفي، كما تكلمت مع المسؤولين عن الأمن المصري والاستخبارات العامة المصرية. وبدأت أعمل من أجل الثورة الليبية.
> هل لك علاقة مع المجلس الوطني الحاكم؟
- كانت لدي علاقة بمصطفى عبدالجليل حين كان وزيراً للعدل في ليبيا ولا علاقة لي مع الآخرين، لكنني لم أتصل به مطلقاً ولا بأي من أعضاء المجلس الوطني الحاكم. أنا انشققت عن النظام وبدأت العمل لدعم الثورة لكنني لم أتصل بالمجلس.
> أنت الآن لا تزور ليبيا، هل هناك أي إجراء ضدك هناك؟
- أصدر المجلس الوطني الحاكم قراراً بمصادرة أملاك بعض الليبيين، الذين يعتبرونهم من أزلام القذافي، وأنا منهم. وضعوا الأملاك تحت الحراسة لكن هذا غير مقبول قانونياً وغير منطقي لأن المجلس الانتقالي أساساً مجلس موقت ولا يصدر مثل هذه القرارات التي هي من اختصاص القضاء. مصطفى عبدالجليل عمِل مع النظام وزيراً وكان رئيس محكمة الشعب. الكثير ممن قادوا الثورة عملوا مع النظام، وهذا لا يعني أن كل مَنْ عمل في عهد القذافي كان مع القذافي، أنا عملت للدولة الليبية.
> هل لديك الكثير من الأملاك في ليبيا؟
- لدي بيت كبير بنيته في أرض اشتريتها عام 1966 قبل الثورة الليبية، أنا لم أعمل في التجارة أو في شركات ولم أحصل على عمولات من شركات. العمل في الخارجية كله أوراق: أحيل وأرفق ورسائل... ليس فيها أموال ولا موازنات.
> حدثنا عن نشأتك.
- أنا من مواليد مصراتة في تشرين الأول (اكتوبر) من العام 1938. درست في الجامعة الليبية أولاً ثم في جامعة تولوز في فرنسا حيث حصلت على درجة الدكتوراه في التاريخ السياسي. أجيد اللغتين الفرنسية والانكليزية. متزوج ولي ابن في الخارج وأربع بنات ما زلن يقمن في ليبيا.
> ماذا تشعر بعد هذه التجربة الطويلة؟ هل أنت نادم على العمل مع القذافي؟
- أشعر أنني أديت واجبي تجاه بلدي خلال عملي، طوال هذه الفترة، وأعتز بخبراتي سواء في الأمم المتحدة أو في الجامعة العربية ولم يحدث إطلاقاً أنني تكلمت عن معمر القذافي كشخصية أو شكرته، لا في الأمم المتحدة ولا في الجامعة العربية ولا في دول عدم الإنحياز ولا في المؤتمر الإسلامي ولا في أي مكان، ولا في أحاديث صحافية.
> هل التقيت كاسترو؟ وكيف كانت علاقة القذافي به؟
- نعم التقيته. كاسترو زعيم كبير قد تختلف معه كماركسي لكنه زعيم ذو خبرة يختلف كثيراً عن معمر القذافي. كاسترو قائد.
> ما هي علاقة القذافي بتوني بلير؟
- كانت علاقة انتهازية سياسية، من جانب بريطانيا ومن جانب معمر بالذات، وأصبح سيف الإسلام يعتبره صديق العائلة.
> قابلت 138 زعيم دولة... من هي الشخصية التي استحوذت على إعجابك؟
- أكثر رئيس تأثرت به وبشكل كبير هو الرئيس علي بوتو، كان مناضلاً حقيقياً. حضرت خطابه في الأمم المتحدة بعد انفصال باكستان ولمست مدى تأثيره كسياسي. ثم قابلته كرئيس وزراء أكثر من مرة وتحدثت اليه مطولاً. وحضرت محنته عندما تمرد عليه مولاي محمود والتيار الديني وحاولت التوسط بينهما. حضرت قمة لاهور الإسلامية وكان رئيسها. علي بوتو رجل سياسي مطلع وبارع. أيضاً رئيس الوزراء اليوناني اندرياس باباندريو أعجبتُ بشخصيته وجوليو اندريوتي من ايطاليا والرئيس الراحل هواري بومدين. وبيني وبين الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة صداقة عزيزة. الرئيس بومدين زعيم سياسي عربي كبير. أنا أقدر أيضاً الرئيس حافظ الأسد تقديراً كبيراً، كان بعيد النظر وسياسياً محنكاً. ومن الرؤساء الأفارقة أقدر الرئيس فيليكس هوفويت بوانييه وطبعاً نلسون مانديلا.
> ما هي أصعب مهمة كلفك بها القذافي؟
- قضية تشاد أتعبتني لأنها قضية شعب جار وقضية حية.
> ماذا قال لك فرانسوا ميتران عن القذافي؟
- ميتران التقى القذافي في جزيرة كريت وكان مستعداً للتفاهم مع ليبيا. أنا كنت من أواخر السفراء الذين قدموا أوراق اعتمادهم الى ميتران قبل وفاته.
> هل التقيت الرئيس جاك شيراك؟
- التقيت شيراك أكثر من مرة وهو شخص مطلع ويتعاطف جداً مع الشؤون العربية.
> مَنْ التقيت من المسؤولين السعوديين؟
- أول لقاء لي كان مع الملك فيصل، رحمه الله، في 1973 للبحث في قضية المسلمين في جنوب الفيليبين ضد نظام ماركوس. القذافي كان يقدم مساعدات للمسلمين هناك وهو أثار الموضوع وحمّلني رسائل الى حكام الخليج العربي. الملك فيصل كان شخصية مؤثرة وقيادية ومحللاً سياسياً جيداً ومطلعاً على الوضع الدولي وحماسته لقضية فلسطين كانت كبيرة جداً، وحضر معي الاجتماع المستشار رشاد فرعون، وكان مع الملك أحد أخوانه. وكان الملك فيصل يعرف أنني مدخن شره فأعطاني الإذن بالتدخين (في مجلسه)، وتحادثنا مطولاً في القضايا العربية وفي قضية المسلمين في الفيليبين. وللأسف كان لديه حينها عتب كبير على الزعيم كمال جنبلاط بعدما أطلق تصريحاً لم يتضمن مراعاة لبعض المشاعر الاسلامية. نقلت رسائل مماثلة الى الشيخ زايد بن سلطان. الشيخ زايد كان رجلاً عفوياً وممتازاً.
التقيت الملك خالد مرتين، مرة في جنيف بخصوص «اوبك» ومرة في الرياض. وقابلت الملك فهد مرات عدة. الملك فهد كان صاحب شخصية محببة ومحاوراً جيداً. حقيقة، أعضاء العائلة المالكة السعودية يتميزون بالهدوء والأدب في التعامل مع الناس وعلاقاتي معهم شخصياً كانت ممتازة وحاولت تصحيح ما أمكن... علاقتي مع الأمير سعود الفيصل ممتازة. إلتقيت الأمير سلطان في باريس وهو شخصية محببة ومنفتح ومستمع جيد ومطلع على الوضع العربي والدولي ومشاعره الإسلامية حية. سلوك العائلة المالكة السعودية معتدل عربياً وإسلامياً ولا يحبون الخلافات..
> أي نوع من الكتب تقرأ؟
- أقرأ الكتب السياسية ومذكرات القادة.
> ماذا كان شعورك يوم مقتل القذافي؟
- كنت أتوقع له مثل هذا المصير لأنه لم يوفر لنفسه مخرجاً. دمر نفسه ودمر أسرته ودمر البلد معه.
> أنت عايشت القذافي وصدام حسين وقد دمرا بلديهما ودمرا عائلتيهما ودمرا نفسيهما.
- للأسف لقد عاشا على الأوهام. القذافي كان عندما يتحدث ويقول إن الشعب يحبه والشعب يقدره... وهذا كذب. إذا كان الشعب يحبك تصفهم بالجرذان، هذا غير مقبول. انها مأساة حين تسمع من زعيم نظام ديكتاتوري يقتل شعبه عبارة «شعبي يحبني». يقتل الديكتاتور شعبه ثم يهتف «شعبي يحبني». المقلق ان هناك من لا يريد ان يتعلم.
المصدر/دار الحياة